بسم الله الرحمن الرحيم
جلساؤك وأصدقاؤك.. كيف تختارهم؟
خلق الله النفس البشرية مفطورة ومجبولة على حب الاجتماع والاختلاط والسكون إلى الأصحاب والأصدقاء، وهذه الصحبة وهذا الاختلاط لا شك أنه مؤثر في النفس مغير فيها، ومن المسلم به أن الناس يختلفون في اختيار الصديق والجليس باختلاف أفكارهم وآرائهم وطبائعهم وعاداتهم وميولهم. وإذا كان اختيار الصديق والجليس عند كثير من الأمم، ليس له ضوابط أو حدود، فإنه يختلف عند المسلمين، إذ أنهم مأمورون بمجالسة الصالحين وأخوتهم وصداقتهم، والإسلام لم يغفل هذا الجانب المهم والمؤثر في حياة المسلم، بل حدد ضوابطه العامة وجعل أساس تلك العلاقة مبنية على الحب في الله والبغض في الله، بل أصبح من أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله.
القرآن الكريم ينوه بالصحبة والمجالسة ولذا نبه القرآن الكريم على قضية المجالسة والمصاحبة في عدة مواضع من كتابه، يستطيع المسلم الحق المتدبر لكتاب الله أن يبني علاقاته على تلك الأسس التي بينتها الآيات، ولا عجب أن يوجه الله عز وجل خطابه لنبيه صلى الله عليه وسلم مبينا له المعيار الأمثل في اختيار من يجالسهم فقال جل شأنه "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا" قال ابن كثير – رحمه الله – أي اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه، ويحمدونه، ويسبحونه، ويكبرونه بكرة وعشيا من عباد الله ولا تجاوزهم إلى غيرهم يعني تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه أي شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا، وكانت أعماله وأفعاله سفهاً وتفريطاً وضياعاً، ولا تكن مطيعا له ولا محبا لطريقته. كما قال ابن عباس في كلامه على هذه الآية
ويقول الإمام الشافعي رحمه الله – لولا القيام بالأسحار وصحبة الأخيار ما اخترت البقاء في هذه الدار.
ووعظ بعضهم ابنه فقال له: إياك وأخوان السوء، فإنهم يخونون من رافقهم، ويفسدون من صادقهم، وقربهم أعدى من الجرب،ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الأدب والدين، والمرء يعرف بقرينه، والإخوان اثنان فمحافظ عليك عند البلاء، وصديق لك في الرخاء، فاحفظ صديق البلية، وتجنب صديق العافية فإنه أعدى الأعداء.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لولا ثلاث في الدنيا لما أحببت البقاء فيها، لولا أن أحمل أو أجهز جيشا في سبيل الله، ولولا مكابدة الليل، ولولا مجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتفي أطايب التمر.
اتمنا ان نكون ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه كما اتمنى ان يكون لنا اصدقاء خير لكي لا نتيه في هذه الدنيا المضلمه اخوكم بهاء الدين الراوي
وشكرا لكم